2013/07/22

الزهرة الثامنة والعشرون:مجامرالذكرى


مجامر الذكرى:

الحنين إلى الماضي ليس لأنه ماضيا ولكن لأن هناك  حدثا انتهى أمره ، فأصبح قوت الحاضر من عبق الماضي، الحنين مجامر الفقد، لذا يأتي عزيزا غاليا من نور الدمع، وروح النبض، أسبوع نكتب مدوناتنا عما نحن إليه ربما أحتاج إلى عمر يزيد عن عمري لكثرة ما أوقدت مجامري أحلام نفسي، وألهبت فحم أيام عمري وتنفست بأنفاسي.
أحن إلى بيت كبير قضيت به طفولتي المبكرة ولم أعرف أنه كبيرا حتى عشت فيما تلاه وإن كنت هنا لا أقصد المعنى المجازي فقط بل والحقيقي، أحن إلى بقايا صور أحرص كل فترة على تذكرها خوفا من اندثارها بفعل الزمن ، أستجمع خطوطها من ذاكرة فتاة لم تبلغ السادسة ،ساحة البيت الكبيرة الداخلية التي جمعتني وأبي ،وساحة البيت الخارجية تحتضن شجرة لوز كبيرة ،ولا يفهم معنى هذا إلا من أمتع قلبه بشبيه لها ذات ربيع ،أكثر ما يربطني بذلك المكان الطبيعة التي لم تمسها بشر ،وأنني أتقنت القراءة تحت ظلال تلك الشجرة وعلى مرآى منها ، وكيف أتقنت فن التأمل في الليالي المثلجة أمام المدفأة شاردة مع حكايات أبي الطويلة التي لا تنتهي بانتهاء ليلة شتاء، طويلة، انقطعت فيها الكهرباء،  أحن إلى أبي، ولا أشتاق له لأنني لم أفقده فكلما أردت أن أراه بكيت فجاء في حلمي وضمني وهدهدني وهمس في أذني قائلا سيكون كل شئ بخير...... ومعلمتي التي عرفتني على متعة قراءة القصص في سن مبكرة ، كيف لا أحن لها وكانت تشتري لي كل أسبوع قصة جديدة ،لأنني أنهيت ما لديها.........
أحن إلى من غادر بطني بعد سبعة أشهر وقد أثقلته بما عولت عليه من آمال مؤجلات وأمنيات منتظرات ،ولكن لن أكتب لكم عنه أكثر فهو لن تكفيه صحف الدنيا كلها ومحابر البحار كلها.....ولكن أخشى أن تفيض  روحي مع فيض قلمي، فرفقا بي وبكم لن نكتب المزيد عن هذا الحنين، 
وحنين لا تعبر عنه حروف اللغة لأنه كتب بدمع من أسى .........
لست ممن بتشبت بلحظات الحنين فكل لحظاتي هي، أحيانا أملها ،فقد تملكتني حتى ماعدت أنفصل عنها، ولا أخاف على دفء أيامي باعتبار أن الحنين دفء الأيام الباردة، فأيامي مشبعة بالحنين إلى الماضي الذي  أتنفس من خلاله ،ومثقلة بالحنين إلى الحاضرالذي لا أشعر به ومنهكة بحنين إلى المستقبل علي أجده، نوع واحد من أنواع الحنين أخاف أن أعيشه أو أشعر به باعتبار أن هذا مرتبط بفقدانه،عندئذ تنتهي روايتي، وأقول انتهت حكايتي، وماعاد معنى لبدايتي، أخاف يوما ينكسر فيه قلمي فلا أستطيع به الكتابة ،أو أستيقظ ذات صباح فلا اجد أصابعي  لتكتب أويأتي مساء فتجف محبرتي.....عندها تكون جفت أزهاري ،وذبلت أيامي وما وجدت المستقبل الذي أثقلت فيه عمرا كاملا من الفقد، عندها لا يكون حنين ،تكون نهاية.

هناك 4 تعليقات:

Lobna Ahmed Nour يقول...

اكتبي يا ميرة
الكتابة تخفف
وأنتِ تجيدينها

أميرة مالك يقول...

أشكر مشاركتك
الرقيقة عزيزتي لبنى

أميرة مالك يقول...

أن إلى ذلك اليوم الذي كتبت فيه

أميرة مالك يقول...

أن إلى ذلك اليوم الذي كتبت فيه