ارتديت ثوبي الأبيض:
كنت قد أخبرتكم بمدونتي الأخيرة أنني لا أريد
أن أكتب، وأنني عادة لا أكتب إلا عندما يحدث ما يلامس جدران قلبي فيثير شهية قلمي،
أو أن تكون حالات من الوجع الذي يشبه حالات من المخاض لأولد من جديد أكثر تحملا
وجلدا .....
وإن كنتم من متابعي فقد علمتم أنني أستضيف
أمي ...ارتديت اليوم ثوبي السري الأبيض ،
لأول مرة وإن كنت أقول ثوبي السري ، لأن له حكاية تعرفونها بعد قليل .....
أسلفت أمي الله يا ابنتي ما أجمل هذا الثوب عليك
، وكم يليق بك ، كأنك حمامة بيضاء ، اشتريته منذ زمن واليوم أرتديه لأول مرة ومن يليق به أكثر من أمي كي أرتديه اليوم
أمامها ...وبدا الحوار الداخلي ، كم نحن بحاجة إلى أن تكون قلوبنا بيضاء ونفوسنا
بيضاء ، بحاجة أن تكون دواخلنا سماوات من
غيم أبيض ، لا أعماق من ظلام أحلك، نظرت إلى المرآة مرات ومرات ، وكنت كلما ذهبت او أتيت
سبقتني عيناي إلى المرآة ،وفي كل مرة أراه أكثر زهوا وجمالا وبياضا .
أحيانا تنشأ علاقة خاصة بيننا وبين الأشياء
لأنها تأخذ مساحة أكبر من حجمها الصغير في
دواخلنا الخفية لأسباب قد نعلمها، وقد نجهلها.
أذكر يوم رأيته معلقا هناك ، ما أن وقعت
عيناي عليه حتى سمعته كأنه يناديني لست أدري بأي مشاعر كنت مثقلة يومها، سلبني، اشتريته وعلقته في خزانتي ولم أرتديه ولا مرة وكنت كلما وقعت عيناي عليه
انتابني شعور غريب من فرح وسعادة وأمل ، وأخذت هذه المشاعر تكبر يوما بعد يوم حتى
أصبحت تسيطر علي بالكامل ، فبت أكلمه وأحادثه
ولست أدري أكنت أخاطب به الروح التي في جسدي ،أم كان قد أصابني مس من الجنون،
فكتمت أمري مكتفية بأنه مصدر فرح وسعادة وغبطة، ولشدة ما سيطر علي هذا الإحساس
الذي كان يصيبني أحيانا بالخوف ما قدرت
على الكتمان فثرثرت أمم صديقتي ، فألحت
علي أن تراه ...وتهربت وراوغت إلا أنها أصرت ...فقلت ثوب عادي لا يميزه إلا لونه
وتلك الخيوط المغزولة بسنارة يدوية تحلي باقته ، أغدا تقول عني جننت أو تطعن في ذائقتي ..فما كان مني إلا أن ذهبت
واشتريت ما يناسب ذائقة هذه النفوس ، ثوبا
أبيض آخر أريتها إياه على أنه ثوبي السري السحري، وعندما رأته طار صوابها به.
ثوبي السحري أبيض والآخر أبيض ، ثوبي فيه من
الأنوثة براءتها ومن الفتنة سموها ومن الطهر عفته أما الثاني فهو ثوب أنوثة وفتنة ليس إلا.
وبقي
ثوبي سريا في مخبئه لا يعلم بأمره غيري ، كلما تفقدته ، ضممته إلى وجهي ، غمرت
قلبي به ، حتى أحس روحي ارتدته بدلا من
جسدي فيرتديني بدلا من أرتديه، أتنفسه ، فتتنفس روحي براءة وسمو، لا تراني أرى سوى
مروج من زهر أبيض.
رمضان شهر يولد فينا كل المعاني السماوية ،
لا يليق بنا ونحن نستضيفه إلا أن نكون بمستوى راق من الأخلاق ، ثوبي السري خرج من مكانه وارتداني، لأكون أكثر أناقة في شهر
الأفكار الأنيقة ، شهر لا يقبل إلا بأخلاقيات وروحانيات نظيفة طاهرة ،نطبقها
ونفعلها أكثر من أن نرتديها ، بحاجة نحن إلى كل هذا طوال العام وليس شهر في العام ودامت شهوركم بروعة
روحانيات رمضان.
هناك تعليق واحد:
مما يليق بتدوينتك
أراها أبرز ردّ
http://on.fb.me/14vuGh7
إرسال تعليق